"انا جوزي كل يوم بيجي يضربني علقة موت"
"بيجي منين"
"من المقابر"
"هو شغال تربي"
"لا مدفون هناك"
"طيب غوري من هنا بدل ما البسك محضر"
..........................
"انا جوزي مات, مات وماتت معاه الف حاجة حلوة, مات وسابني في شقة طويلة عريضة لوحدي, مات قبل ما افرحه بالولد اللي كان نفسه فيه, مات الراجل اللي حبيته لمدة تلت سنين كاملين, يارب صبرا"
كتبت البوست ده على الفيس بوك وانا مقهورة, حزينة حزن السنين, ببكي بدل الدموع دم, انهالت عليا التعليقات من الأهل والأحباب عشان تواسيني, بس فين اللي يقدر يواسي واحدة ست فقدت نور عنيها, فقدت سندها وقوتها في الحياة..
في اليوم ده لقينا باب الشقة بيخبط, كنت انا وحماتي قاعدين بنتسند على بعض, هي فقدت ابنها وانا فقدت حبيبي, كان طارق صاحب أحمد جوزي, لقيناه داخل وجايب معاه أكل جاهز, باس على راس حماتي وخدها في حضنه, كنت عارفة انه أقرب شخص لجوزي, بل ممكن تقول كانوا بيحبوا بعض اكتر من الاخوات..
أقسم طارق علينا اننا لازم ناكل لاننا مكلناش حاجة طول اليومين اللي فاتوا, بل كان بيأكل حماتي بنفسه وبيحاول يخرجها من مود الحزن اللي هي فيه, فعلا جوزي كان راجل ويستحق ان صحابه يكونوا رجالة, طلع من جيبه مبلغ كبير ومسبش حماتي غير لما اداها الفلوس, وسابلنا رقم نتواصل معاه عليه لو احتجنا أي حاجة منه..
فضلت حماتي تدعيله كتير أوي لحد ما خرج وسابنا, وفضلنا انا وحماتي نواسي بعض طول الليلة دي, مع شروق الشمس جت اخت جوزي وخدت امها عشان تقعد معاها في بيتها, وعلى المغرب كنت لوحدي في الشقة, لوحدي مع حزني ومأسآتي الحقيقية..
على الساعة اتناشر بالليل كنت في سريري بحاول انام, فتحت النت شوية وفضلت اتصفح اي حاجة وخلاص, بعد شوية لقيت النت فصل, بصيت للراوتر لقيته قافل, اعتقد ان النور قطع, أحسن خليني انام شوية..
بس اللي خلى جسمي كله يتنفض اني سمعت صوت مفاتيح بتتحط في باب الشقة, بصيت في الساعة لقيتها اتناشر ونصف, نفس وقت رجوع جوزي من الشغل, نفس صوت مفاتيحه, نفس فتحة الباب..
بس جوزي مات وادفن خلاص ؟؟
شعري كله شاب وقلبي كان بيدق بعنف, خرجت على اطراف صوابعي في الضلمة وانا ببص بحذر ورعب ناحية الصالة, مفيش أي حاجة, الباب مقفول وكل حاجة طبيعية خالص, خدت نفسي بعمق وعرفت اني كنت بتخيل, لفيت وشي عشان ارجع و وصرخت بأعلى صوتي وانا ببص برعب ورايا..
كان فيه واحد متكفن كله ومش ظاهر منه غير عينيه, عينيه كانت بيضا زي الثلج, وكان ماسك في ايده عصاية غليظة, وقبل ما اصرخ تاني لقيته نزل على جسمي بالعصاية, العصاية كانت زي السوط المشتعل بالنار, نزلت على جسمي خلته يتلوى زي الثعبان من النار اللي مسكت فيه..
وصرخت, صرخت بكل ألم ورعب الدنيا وجريت, جريت في الضلمة عشان اقع على وشي ومناخيري تنزف بالدم, بس هو مرحمنيش ونزل بالعصاية تاني على جسمي, وبدأت اتلوى واحك جسمي في الأرض من كمية الألم والنار اللي مسكت فيه, وقمت, قمت وجريت ناحية الاوضة وقفلت عليا الباب, قفلته عشان اسمع ضربات عنيفة على الباب, ضربات عنيفة جدا وبعدها تقف تماما..
وقعت على الأرض وانا ببكي وبتألم, ببكي بحرقة من النار اللي ماسكة في جسمي, النور جه في الوقت ده, قلعت هدومي وبصيت على جسمي عشان اصرخ اكتر, كانت مناخيري بتنزف دم وكتفي أزرق شاحب من قوة الضربة اللي نزلت عليه, جسمي كان شكله رهيب, مخيف..
وقعت على الأرض تاني وفضلت مرمية لحد تاني يوم الصبح, ومع شروق الشمس نزلت على اقرب مستشفى اعالج الكدمات اللي في جسمي, خرجت في الشارع مش عارفة أروح فين واجي منين..
مليش حد اروح عنده, حماتي سافرت مع بنتها, واخواتي كل واحد في وادي ومحدش هيقف جمبي, كنت ببكي بحرقة وانا ماشية في الشارع هتجنن, مش عارفة اروح فين واجي منين, ومع آذان العصر كنت قدام شقتي من تاني, بحاول اوهم نفسي ان كل ده مكنش حقيقي, دخلت شقتي فتشتها حتة حتة ومكنش فيه حاجة, قفلت باب الشقة بالقفل ودخلت اوضتي وقفلت عليا الباب بالمفتاح...
واستنيت, استنيت كتير جدا بس ملقتش اي حاجة غريبة, يمكن فعلا كنت بتخيل وانا اللي وقعت وتسببت لنفسي بكل ده, يمكن, بس لما جت الساعة اتناشر ونصف سمعت نفس الصوت, نفس المفتاح بيدخل في الباب..
انكمشت في سريري وانا بترعش زي المعاقين, جسمي كله اتخشب مكانه, فضلت اسمع صوت الخطوات اللي ماشية في الشقة لحد ما وقفت تماما, انا تقريبا اتجننت, اتجننت..
وقطع نور الشقة من تاني, ووقع قلبي بين ايديا, لحظات وشوفت نفس العينين البيضا قدام سريري, و....
وقبل ما اصرخ كانت العصاية نازلة على رجلي, وصرخ جسمي كله من الوجع, وقلبي من الرعب, وعقلي من الجنون, ااااااااااااااااااااااااااه
ااااااااااااااااااااااه
ونزلت العصاية من تاني على رجلي, عصاية ملتهبة بتحرق زي النار, بتكوي زي اللهب, بتكسر العضم, ولقيت نفسي بصرخ
"الرحمة, الرحمة"
ولما قولتها لقيته وقف ثابت تماما, وبصوت أجش, خشن, صارم سمعته بيقول
"تروحي بكرة القسم وتقوليلهم جوزي بيضربني كل يوم"
انذهلت من الطلب اللي طلبه بس بكل لهفة قولتله:
"حاضر, حاضر"
واختفى في لحظة ورجع النور من تاني, رجع عشان احس ان رجلي اتكسرت ميت حتة, عضمها بيصرخ بألم فظيع, رهيب..
تاني يوم خرجت على عكاز امشي في الشوارع زي المجنونة, هروح القسم اقولهم ايه بس, فضلت طول النهار ماشية في الشوارع لحد ما جه الليل, طلعت الفلوس اللي معايا وروحت اجرت اوضة في لوكاندة..
بس ده ممنعوش, ممنعوش انه يجي الساعة اتناشر ونصف, كان غضبان, غضبان جدا جدا, واتلمت اللوكاندة كلها على صوت صرخاتي وكسروا عليا الباب عشان يلاقوني سايحة في دمي وعمال اصرخ
"هروح, هروح والله"
تاني يوم كنت بخيط جرح كبير في راسي وعازمة اني انفذ اللي اتقال كله, بس قبل ما اروح القسم اتصلت برقم, اتصلت وقولت:
-الو
-وسمعت سب وصياح خلاني اصرخ في قلب الشارع بالتهديد والوعيد
....................
روحت القسم ودخلت للظابط وانا ببكي, كان شكلي مثير للشفقة وجسمي كله جروح, اشتكيتله ان جوزي بيضربني, بس لما عرف انه ميت حاول يطردني, وجريت زي المجنونة بصرخ في القسم, جريت على غرفة المأمور وانا بصرخ, ومن ورايا القسم كله بيجري ورايا بظباطه وعساكره..
دخلت اوضة المأمور اللي تفهم الأمر وقعدني واحتواني, حكيتله كل حاجة وانا هبوس ايده خلاص, استوعب الأمر وطلب مني ارجع شقتي وانه هيوكل اتنين مخبرين على باب عمارتي عشان محدش يجيلي واني هبقا في أمان..
وبالفعل روحت شقتي وانا بترعش, بترعش من الرعب والوجع, وعلى باب العمارة اللي مفيهاش غير شقتي ساكنة وقف اتنين مخبرين متخفيين, وعلى الساعة اتناشر ونصف لقيت حد بيحاول يفتح باب الشقة بقوة, انكمشت اكتر واكتر عشان اسمع صوت الباب وهو بيتفتح بعنف, وقفت ورا الباب اراقب اللي دخل عشان اشوف حد ماسك سكينة وداخل بحذر..
وشافني, شافني وهجم عليا, كان لابس ماسك مخيف, ووقعت, وقعت عشان يجري عليا ويرفع سلاحه, وصرخت, صرخت بكل ما أملك من قوة..
وبكل ذهول بصيت لقيت اتنين ماسكين المجرم ومكتفينه ورافعين عليه السلاح, وواحد منهم شال الماسك عنه عشان اصرخ بكل صدمة الكون..
طارق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
................................
في النيابة:
هذا وبعد ان اعترف كل من ناهد أبو العلا وطارق محمود محمد بالواقعة, حيث اتضح ان القتيل أحمد أدهم أبو المكارم قد مات بسبب أزمة قلبية حادة لأنه شاهد زوجته ناهد في وضع مخل مع صديقه طارق في غرفة نومه وعلى فراشه, وهذا وقد حاول المدعو طارق بقتل ناهد وقد تم القبض عليه متلبسا وقد قررنا نحن نيابة مدينة نصر الآتي, احالة أوراق المتهمين الى المحكمة للحكم عليهما في تلك القضية رقم 6750..
.................
وكيل النيابة بيمسك موبايله, بيستنى شوية ويتكلم:
- الو
- حبيبي اللي ناسيني كنت محتاجك في استشارة
- اتفضل
- هو ممكن حد مات يرجع من موته ويضرب اللي قتله
- صعب اوي ده وبيحصل في حالات نادرة جدا, احكيلي تفاصيل
- عندي قضية غريبة, زوجة خانت زوجها مع صاحبه والعجيب ان الزوج رجع من موته وكان بيضرب الزوجة وصاحبه, بل وأجبر الزوجة تروح القسم وأجبر صديقه يروح يقتل زوجته لانها كلمته في التلفون وهددته انها هتعترف بس هو كان قايلها متتصلش بيه خالص الأيام دي, عشان نمسكهم الاتنين في وضع تلبس ويعترفوا بالواقعة
- اسمه ايه الزوج ؟؟
- أحمد أدهم أبو المكارم
- انت بتهزر ؟؟؟
- مش فاهم
- تقصد الشيخ أحمد أبو المكارم ؟؟
- هما كانوا بيقولوا انه كان بيعالج بكتاب الله
- ده أشهر راجل في مصر القديمة بيعالج في جامع الدسوقي بكتاب الله
وسمعنا انه مات بأزمة قلبية بس منعرفش التفاصيل, الشيخ من كتر قربه من ربنا كان موكل له جن صالح يساعده في كل أعماله, الشيخ كان بيخلص شغله ويروح المسجد يعالج لوجه الله وبس, واللي حصل ده ملوش غير تفسير واحد, اللي ضرب الزوجة وعشيقها هو جن من خدام الشيخ, جن صالح ربنا وكله يساعد الشيخ, وبعد موت الشيخ الجن وقعهم في بعض عشان يجيب حق الشيخ..
- طيب طالما هو شيخ واصل كدا, ازاي مراته تخونه وهو ميعرفش ده
-هي الزوجة اعترفت انها خانته كام مرة ؟؟
- مرة واحدة اللي شافهم فيها والغريب انه كان مسافر يعالج حد ورجع قبل ميعاده
- اديك قولت اهو الشيخ رجع والله أعلم بسبب ان حد قاله ان فيه حاجة غلط في بيته, بس انت قولتلي صاحب الشيخ راح يقتل مراته صح ؟؟
- ايوة صاحبه ده كان مضروب علقة موت وبيقول ان الزوج اجبره يروح يقتلها في الوقت ده بعد ما كلمته يومها وهددته انها هتحكي كل حاجة لو مساعدهاش
- انا بقول تشغلوا الجن ده معاكوا في النيابة يا باشا
- انا بقول كدا برضه يا شيخ عبدالله
- الله يرحمك ياشيخ أبو المكارم
تعليقات
إرسال تعليق