القائمة الرئيسية

الصفحات

 

ابشروا أيها المكتئبون

ابشروا أيها المكتئبون 

المكتئب إما إنه إنسان لا يستطيع أن يخلق لنفسه هدفا ودورا فى الحياة، أو إنسان لديه هدف فى الحياة، ولكنه يتعثر فى الوصول إلى هذا الهدف.

المكتئب إنسان يمتلك الإحساس، يشعر بالآخر ، ويتأثر بظروف البيئة والمجتمع الذى يعيش فيه، لذلك تجد معظم الفنانين ينتابهم الشعور بالاكتئاب.

المكتئب إنسان يسعى إلى الجمال والمثالية فى كل شىء، فهو لم يدرك بعد أننا لسنا فى المدينة الفاضلة.

المكتئب إنسان صريح مع ذاته، عندما يشعر بالضيق، يصرح لنفسه وللأخرين بهذا الضيق، وهذا أفضل كثيراً من الإنسان دائم الكبت لمشاعره ودائم التمثيل على نفسه وعلى الأخرين بأن الأمور تسير على ما يرام، حتى لو كانت الأمور عكس ذلك !

من خلال رحلتى الشخصية مع الاكتئاب، ومن خلال مشاركتى لرحلات اكتئاب أصدقائى المكتئبين، اكتشفت أن الإكتئاب هو أول خطوة من خطوات الوصول إلى السعادة !

لكى تصبح إنسانا سعيدًا، يجب أن تمر عليك مرحلة من الاكتئاب الشديد، مرحلة تبحث فيها عن ذاتك، تبحث فيها عن الدور الذى تريد أن تلعبه فى الحياة، تبحث فيها عن احتياجتك من الأخرين، وعندما تستطيع أن تجيب على هذه الأسئلة، وقتها يمكنك أن تخرج من دائرة الاكتئاب إلى دائرة السعادة. 

ودعونى أكثر دقة وصراحة معكم، وأقول أن الاكتئاب هو الذى يجعل الإنسان ينظر إلى هذه الدنيا على إنها فانية زائلة، وتلك هى أول خطوة من خطوات الرضا والتكيف مع الواقع، يتعلم الإنسان من خلال هذه المرحلة الصعبة من حياته، المعنى الحقيقى للرضا عن الله عزوجل، كما يقول البعض "الرضا بالمقسوم عبادة ".

الاكتئاب هو نقطة البداية فى حياة أى إنسان، لا نقطة النهاية، كل ما على المكتئب أن يفعله هو أن يحاول أن يخرج من هذه المرحلة سريعاً ولا يستسلم لها أبداً، وأن يخرج منها إنسانًا جديدًا، إنسان يستطيع أن يلعب دوره فى هذه الحياة بكل مهارة وإتقان، إنسان قادر على أن يعطى للحياة المعنى الذى يريده هو، لا الذى يريده منه الأخرون!

 الاكتئاب بمثابة صرخة الميلاد الذى يصرخها الجنين وهو لا يعلم  أنه خرج من رحم أمه الضيق إلى عالم الحياة الواسع، فمن خلال الاكتئاب، يستطيع أن يولد الإنسان من جديد.

علماء النفس شبهوا الإكتئاب بالكلب الأسود الذى يعيش مع كل إنسان فى هذه الحياة، فلايوجد إنسان فى هذا العالم ليس لديه كلب أسود ، بمعنى أنه لا يوجد إنسان فى الحياة لا ينتابه شعور بالإكتئاب، لكن تختلف حدة الاكتئاب من إنسان لأخر، ويختلف حجم و قوة هذا الكلب الأسود من إنسان لأخر.

لذلك لا تُعلق فشلك فى حياتك الشخصية أو فى حياتك المهنية بدعوى االاكتئاب، ولا تُؤجل سعيك وراء تحقيق أهدافك وطموحاتك فى حياتك بدعوى أنك تشعر بالأكتئاب لأن كلنا مكتئبون!

حاول أن تقلل من التفكير فى مشاكلك وأحزانك لكى تقلل من شعورك بالاكتئاب، حاول اللجوء إلى متخصص إذا لم تستطع مواجهة مشاكلك بنفسك.

 وعلينا أن نعلم إنه مهما بلغ نضج الإنسان وحكمته، فإن الإكتئاب لايزال موجودًا بداخلنا، ويجب ألا ينتابنا القلق إذا شعرنا به، وألا نخاف من ذلك الكلب الأسود، كل ما لدينا فعله فقط هو مواجهته بكل قوة وشجاعة وأن نحاول ترويضه قدر المستطاع.

الله سبحانه وتعالى لم يخلق الإنسان لكى يتعذب، لذلك نهانا الله سبحانه وتعالى عن الحزن فى القرآن أكثر من مرة، فقال الله عزوجل لعباده " ولا تهنوا ولا تحزنوا  "، ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم صاحبه سيدنا أبو بكر الصديق عن الحزن " إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا" فكيف لنا أن نحزن ونكتئب ونحن معنا إله حكيم رحيم، يدبر لنا حياتنا وييسر لنا أمورنا ؟!


تعليقات

التنقل السريع