القائمة الرئيسية

الصفحات

المدعو أبي للكاتبة منة الأباصيري، حملة واعي


المدعو أبي للكاتبة منة الأباصيري، حملة واعي


 "المدعو أبي"


-"لقد أكتفيت منكَ ، هذه المرة الأخيرة"

أنها أمي للمرة المئه بعد الألف التي تقول بها هكذا ، نعم لقد سئمنا جميعًا تصرفات أبي التي لا تُحتمل


كان حديثها موجهه لذلك الرجل الذي يبلغ من العمر تسعٌ و أربعون عامًا، منهم أربعٌ و عشرون عامًا قضاها برفقة أمي، و تعايشنا فيهم مع ذلك المرض النفسي و تلك العُقد التي لا يستطيع أي امرؤ طبيعي التعايش معها


-"لا يوجد بقاموسي شيء يُدعى طلاق ، هذا مصيرك و عليكِ مواجهته"

قالها ذلك الرجل المدعو أبي بكل برود و هو ينفس أخر نفس في سيجارته بينما تعلو شفتاه ابتسامه صفراء، و يزيين وجهه ذلك الحاجب المرفوع بكل جبروت و طغيان، منظره من الوهله الأولى يعطي انطباع لكل من يراه إن ذلك الرجل لا مثيل له في الظلم 


-"سوف أرفع دعوى قضائية ضدك ، وأقوم بخلعك"

قام من مكانه بعد جملتها وقام بصفعها بقوة، مما جعل الدم يتطاير من أنفها


-" أتُريدين أن نصبح علكة في فم كل من نعرفهم و أن تصبح سيرتنا على ألسنتهم جميعًا؟!"

قالها بحنق شديد بينما الشر يتطاير من عيناه


-"ذلك أهون عندي من أن أظل تحت رحمة رجل تتم إعالته مثلك!"

لفظتها أمي ببكاء شديد و آلم يحرق قلب كل من يسمعها


-"إذًا تلك النهاية بيننا ، لن أشتاق لكِ يا عزيزتي"

أقترب منها و بدأ في خنقها بلا رحمة و هي تنظر له بتوسل كي يتركها تعيش لأجلنا فقط بعيدًا عنه


-"أتركها يا حقير! "

أقترب منه أخي محاولًا أن يفكها من أسر يديه، ولكن ذلك الرجل دفعه بشدة و جعله يسقط فوق المائدة الزجاجية؛ مما جرح كل شبر في جسد أخي و صار ينزف من كل مكان


أقتربتُ أنا منهُ و قد أتخدتُ قراري و عزمتُ على تنفيذه تلك المرة ، قد كنت أخطط لذلك منذ زمن ولكني كنت أتراجع في أخر لحظة، سوف أخلصهم جميعًا منهُ ، إنهالت طعناتي على ظهره بلا توقف ، صرخ من الألم والتف محاولًا جذب شعري ولكني فاجأته بخمس طعنات في رقبته و صدره ، ابتعد عني و بعد دقيقة وقع على الأرض مُفارق الحياة


وقف الجميع ينظرون لي بذهول بينما أمي لم تتوقف عن البكاء، نظرت لها بكل جبروت قائله : "أعلم أنكِ تبكين لأنني سوف أُحاكم ثم أُعدم، ولكنني خلصتكِ أنتِ و أخوتي منه يا أمي ، ستعيشون في سلام بدونه"


جلستُ على الأرض لا أُبالي لما سيحدث لي، لقد قمت بحساب النواتج جيدًا قبل أن أصدر أي رد فعل معاكس لما كان يقوم به، كنت أعلم مصيري و كيف سيحترق قلب أمي علي عندما ترى نهاية قطعة من جسدها بتلك الطريقة؛ لذلك كنت أتراجع دومًا خوفًا عليها، ولكن تلك المرة سئمتُ كل شيء، سئمتُ الضرب المبرح و التعنت و البخل، سئمت نظرات الحقد التي تصدر مني عندما أرى أب يحتضن ابنته أو أسرة مستقرة، كنت أشعر بالخزي في كل مرة أتمنى فيها زوال تلك النعمة من بين أيدي الذين يتمتعون بها، أنا فقط أردتُ الراحة للجميع، بمن فيهم جسدي الممتلئ بتلك الكدمات الزرقاء و علامات الضرب بالأسلاك الكهربائية. 

 المدعو أبي للكاتبة منة الأباصيري، حملة واعي للتوعية المجتمعية 

بعد شهرين ..


-"هل هناك شيء تتمنينه قبل تنفيذ الحكم؟"

قالها الشيخ و هو متأثر جدًا؛ لأنه ولأول مرة يتدخل لوقف تنفيذ حكم الإعدام ولكن كل محاولاته بأت بالفشل


-" لا يا شيخي ، تمنيتُ العديد من الأشياء ولكني لم أعش طفولتي كباقي البشر ، لم أُعايش سوى الذل و الإهانة ، و ها هو مصيري ، جحيم السماء مثلما كان جحيم الأرض"


-"أنني أسف يا بُنيتي ، هل تتمنين شيء باستطاعتي فعله الآن؟! "

قالها و هو يحاول حبس دموعه ولكن نبرته المهزوزة فضحته


رددتُ بإبتسامة ساخرة :" لطالما كنت أسمع كلمة لحم ولكنني لم أتذوقه قطّْ ، هل لي ببعض منه قبل أن أموت؟! "


انهار تماسُك كل من في القاعة و كل من حاول حبس دموعه انهمرت و خانته، ولكنني ظللت أنظر لهم مبتسمة و أنا أردد : "لماذا تبكون؟!"


ولكنني لما أجد رد منهم سوى البكاء و تلك التنهيدات المتألمة؛ لذلك ظللت صامتة حتى تُظلم الدنيا حولي و يرتح جسدي للأبد.


لـ / منه الأباصيري

حملة واعي للتوعية المجتمعية

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع