كلا شيء
بينما تفَّكر إحدى ذرات الهواء فيما لِمَ لا يراها البشر أي شيء بينما هي مَن تساعدهم في الإستمرار على التَّنفسِ والعيشِ لِرؤيةِ الأشياء، لاحظَت شيئًا لَم تعتاده مِن قبل وحكته لصديقتها قائلةً: «كانت تهتزُ جميع الغرف مِن حولي عدا تلك الغرفة التي أسكُن بها تهتزُ معلنةً عن تجاوزِ سكان تلك الغُرف الحَد المسمُوح به لِعلوِ الصوت، وبينما كنت أتحرك في الغرفة قرَّرت أنْ أأخذ جولة بِتركيزٍ أكثر كي أعرف السبب في هذا السكونِ رغم وجود طفل بِعمرِ العاشرة يحبُّ اللَّهو والمرح، وبينما أُمعن النظر في الأشياءِ مِن حولي وجدت قلمًا مُخبأ في الزاويةِ وكأنَّ أحدهم حاول أنْ يَسرد بهِ أوجاعه على الحائط فكانت مُحاولاته عِبارة عن خطوطٍ مُتداخلةٍ، ومِن نفس الزاوية لمحت صدفة دمية منزوع عنها رأسها، وكان يبدو أنَّ صديق تلك الدمية أرادها أنْ تذهب معه؛ فتوجهت سريعًا إلى الفِراش الذي يحوي جسد ذاك الطفل الرقيق، لأجده قد انتقل بالفعل إلى رحمةِ ربِّه بعيدًا عن قسوةِ هؤلاء البشر، وأعتقد أنَّ السبب في إصرارِه على الرَّحيلِ رغم صِغر سنه هو أنَّ والداه كانا يعاملونَه على أنَّه لا شيء، غير مهتمين به ولا بشيءٍ آخر غير مشاكلهم السطحية الدائمة، وأعتقد أنَّ هذا أيضًا كان سبب اهتزاز ذرات الهواء في الغرفةِ المجاورةِ، أعلم هذا الشعور جيدًا أن يعاملك مَن حولك على أنَّك لا شيء».
منة سعيد.
تعليقات
إرسال تعليق