القائمة الرئيسية

الصفحات

لتصمت او لتضرب بقلم شهد شهبو


لتصمت او لتضرب لشهد شهبو

"انت بتتكلم لى، متدخلش فى كلام الكبار...."

انا سليم، ابلغ من العمر عقدين وسبع سنوات، متخرج من كلية الطب، مريض باضطراب الطلاقة أو ما يُدعى بالتلعثم. ما تقرأه انت الآن اهداء الى:

أمى، أبى، الى من ادخلونى هذا الجحيم، إلى من هم السبب فى تدمير قلبى ومستقبلى.

أَعْلم انك اندهشت كثيرا لأن امى وابى من دمرا حياتى؛ دعنى اخبرك لما يستحقان هذا الاهداء.

بدأ الأمر عندما كنت طفلا ذو خمس سنوات، كنت اسمع الكثير من النقاشات_أمى وأبى واخوتى أو اقاربنا_ كان جميعهم كبار فى السن، كنت استمع لحديثهم ونقاشاتهم؛ ثم أبدى برأيى؛ لتواجهنى سريعاً جملة أمى "انت بتتكلم لى، متدخلش فى كلام الكبار.." والكثير مثلها، ثم تبادر بالاعتذار عن حديثى مردفه" طفل مش فاهم حاجه، بس انا هحاسبه"، لأنال قسطاً من نظرات الكبار السيئة أثناء وجودهم وقسطاً من كلام أمى بعد رحيلهم.

ظننت أن أبى سيتفهمنى، ولكن عندما يحدث موقف مشابه؛ اتلقى نفس الجمل و يبادر هو ايضا بالاعتذار لأصدقائه.

تكرر هذا الموقف عدة مرات، ظننت أن تفكيرهم سيتغير، ولكنى اخطئت، ففى احدى المرات، اعطى رجل صالح لأبى نصيحه فى التعامل معى_ ساخبرك بها بعد قليل _ واخبر أبى أمى هذه النصيحه، وقررا ان يفعلا بقوله.

*السابع عشر من ديسمبر* 

كيف لى ان انسى هذا اليوم؟! فهو اليوم التى تغيرت فيه حياتى بأكملها، كانت صديقات امى وأطفالهم المقاربون لسنى فى بيتنا، وكان ابى واصدقائه ايضا فى بيتنا، فقد دعوناهم لتناول العشاء معاً، كنت اجلس مع ابى الذى يتحدث معهم، لأقول رأيى فى أمر ما، لتواجهنى ابتسامة أبى _اندهشت حقاً_ ثم قام، ودخل الغرفه، وإذا به يخرج ممسكا بحزام خاص به، وبالطبع مصيرى معروف، لذا لا يهم ان أشرح ما حدث، فقد كان كل هذا بين ضحكات الاطفال ونظرات أمى بالفخر لأبى، استغثت بأمى؛ لتبعد أبى قائلة"كفاية عليك كده هكمل انا علشان يعرف أن محدش هيسكتله بعد كده"، لتكمل هى ضربى.

حسناً حسناً انتظر، دعنى اخبرك بالمفاجأة، ان يضربنى أبى وأمى؛ كانت هى نصيحة صديقه الصالح.

مرت طفولتى هكذا: بين منعى من الكلام، ضربى، المقارنات المنشوده دائما بينى وبين الاطفال من سنى؛ اصبحت اتلعثم لا استطيع إكمال كلمتين بدون تأتأة، كبرت ولازلت اتلعثم، اجتهدت فى دراستى؛ حتى جاء يوم تعيينى كدكتور فى الجامعه، ولكن لم يتم هذا الأمر فكيف لى ان اشرح للآلاف وانا هكذا.

فها أنا لم اصبح طبيبا فى الجامعة؛ برغم التقديرات المرتفعة كل عام ، لم اتزوج الفتاه التى أَحبها قلبى، لم احقق أياً من احلامى، فقط اصبحت مريضا نفسيا، اصبحت مريضا بالتلعثم.

وهل تعتقد انه عندما كبرت اصبح التعامل مع الطف؟

لتكن هذه مفاجئتك الثانية: لا يا عزيزي فأصبحت اُنتقَد لعجزى فى الكلام، ولعدم استطاعتى انا اتعين دكتورا فى الجامعة، معترفون انهم السبب فى إصابتى بالتلعثم ولكن لما وصلت لهذه الدرجة؟، وكيف أننى شخص ساذج وسئ كى أتأثر بحدث بسيط كالذى فعلوه، اصبحت أُلام على التلعثم واتعرض للتنمر بسببه، اصبحت الاخ المنبوذ بين اخوتى.

التلعثم وغيره من الحالات النفسيه، الاكتئاب، المرض، الانتحار، وغيره هم نتيجة تعاملك مع طفلك، ان يصبح الانسان غير سوى فبقدر ما هو مجرم هو ضحية، ربما تكون تربيتك لطفلك كأب وأم هى السبب؛ لذااقترب من طفلك، وعانقه، واعطه الامان الذى ينقصه.

أعلم أن للحديث حدود، لكن رجاءً كن صديق اطفالك، شاركهم الحديث، امنحهم الثقه بانفسهم؛ ليحترموك، وحينها سيعلمون متى يصح الكلام، ومتى لا.

بقلم/ شهد شهبو

 حملة واعي للتوعية المجتمعية

جريدة خطوة للنشر الإلكتروني 


تعليقات

التنقل السريع