القائمة الرئيسية

الصفحات


قصة النهر الحزين بقلم منى بيبرس



قصة النهر الحزين بقلم منى بيبرس

استيقظ ككل صباح مع اول شعاع شمس .. فتح نافذته ليستقبل هواء الصباح قبل ان تلوثه السيارات .. وقبل ان يلوثه البشر 

في هذا الوقت من الصباح كل يوم يشعر انه مالك العالم اجمع .. هدوء تاام الا من اصوات عصافير الصباح التي تشجيه بغنائها الذي لم يطرب لمثله ابدا 

كم كان يستمتع بهذا الغناء كل صباح قبل ان تخفيه أصوات ثرثرة البشر 

ومثل كل صباح تمنى لو يختفي كل البشر ويبقى في العالم وحيدا مع امرأه واحدة وكأنه يريد ان يصبح آدم جديد وهي حواءه ليستطيع ان يصيغ عالم جديد خالي من كل قبح العالم الحالي 

كان كل يوم يتخذ طريقه من بيته الى العمل والعكس سيرا على قدميه بجوار نهر النيل .. ذلك النهر العظيم الذي كانت عظمته تشغل عقله كلما سار بقربه وكان دوما يرثي لحال هذا النهر العظيم الذي ظلمه البشر 

وقد كان يشعر ان هذا النهر احد شرايينه وان ماؤه هو الدم الذي يجري في عروقه .. فيخيل اليه ان هذا الرجل الذي هبط للماء بقطيع خراف يغسل فرائها في النهر كأنه يغسلها في دمه .. وهذه المرأة القت منديلا متسخا في يدها لم تلقه في النيل بل في دمه .. وكل المصانع والبواخر وغيرها التي تلقي مخلفاتها في النهر تلقيها في دمه 

كان يشعر ان اهانة النيل العظيم اهانة شخصية له .. بل ويشعر بالفخر والسعاده كلما قرأ قصيده أو سمع غناء يتغزل في النيل العظيم 

كان دوما يحادث نفسه .. يال جهل البشر وحماقتهم اذ لم يحترموا هذا النهر الخالد .. وكان كأنه يسمع انين وشكوى النهر كلما مر بقربه .. انين لا يدركه غيره وكأن النهر خصه بالشكوى 

كم شعر ان النهر يتمنى الهرب من ظالميه .. يهرب فرارا منهم أو عقابا لهم 

وما رآه اليوم درب من الجنون .. لا بد انها نهايه العالم !!! 

ففي طريقه للعمل وصل للنهر فلم يجده ، لا وجده خال تماما من الماء فالمراكب التي كانت بالأمس تتهادى مع امواج النيل الهادئة الناعمة هي اليوم راسيه في قاعه بلا حراك ... الاسماك تنتفض وتلفظ آخر انفاسها .. وقف وصرخ بأعلى صوته .. اين الماء ؟! هل هرب النهر ؟! هل ثار على من اهانوه فتركهم ورحل ؟! 

الناس حوله ذاهلة مبهوتة جفت الكلمات في حلوقهم كما جف ماء النهر 

أخذ يقترب من الناس ويسأل .. اين النهر ؟! مذا حدث ؟! الجميع يجيب بنظرات حائرة تائهه لا احد يستطيع الكلام 

التصق بالسور ينظر للنهر الجاف وهو يردد محادثا إياه ..أإلى هذا الحد كنت تشعر بالظلم ؟! فيمن سيتغزل الشعراء بعد الآن ؟ على اي ضفاف سيجلس العشاق ؟ .. وانا ؟ انا بم امتع عيني كل صباح ؟ هذا النهر واهب الحياة كيف سنحيا بدونه ؟!  

ذهب الى العمل .. الكل هناك صامت عكس المعتاد .. اين ثرثرتهم المعتادة ؟ 

الكل يفكر في شيئ واحد .. لا يوجد نهر .. لا يوجد ماء .. اذن لا توجد حياة .. كل شيئ يحتاج للماء .. مرت ساعات النهار طويلة وآثار الإجهاد تزحف على الوجوه لحظة بعد لحظة ... انه الظمأ يظهر جليا على وجوههم .. الجميع يبحث عن قطره ماء 

بالأمس كان عبده افندي رئيسه يشرب من كوب الماء رشفة واحده ويسكب بقيتها تحت قدميه واليوم يتمنى قطره واحده مما كان يسكبه .. حتى انه لو وجد قطرة ماء على الارض لارتمى يلعقها دون تردد 

بالامس رأى احدهم يلقي قاذورات في النهر .. فبالأمس كان يوجد ماء واليوم جف الماء .. هرب النهر 

مرت ايام قلائل بدأ البشر يشعرون انهم في صحراء قاحلة .. هكذا بدا العالم من حوله .. جفت النباتات على ارضها .. هذه النباتات التي كانت بالأمس القريب خضراء تتمايل فرحا مع نسمات الهواء 

جلس الأطفال في الشارع بملابس متسخة ووجوه متربه وشفاه جففها العطش كف الصغار عن اللعب .. ليس لديهم طاقة له .. كفت النساء عن الثرثرة فالافواه جافة واللسان لا يقوى على الحركة 

قصة النهر الحزين بقلم منى بيبرس

كف الرجال عن الشجار فهل يقوى أحد عليه ؟ 

أغلقت المطاعم ومحال العصير فمن أين تعمل ؟  

جلس البشر ينتظرون الموت 

والآن هل عرف البشر فداحة خطأهم في حق هذا النهر العظيم ؟! هل عرف 

قصة النهر الحزين بقلم منى بيبرس

الانسان انه ينتهي بانتهاء هذا النهر 

ياللعجب هذا جاره الذي لم يكن يلقي اليه حتى التحية اليوم طرق بابه ليجلس معه .. حقا جلس صامتا ولكنه جلس معه بالقرب منه فالمحن تجمع بين الناس وتوحدهم وتقربهم 

لازال هناك من يستطيع الكلام .. هناك اصوات تعالت بالشارع تطالب الحكومة بحل المشكله .. دون جدوى 

يوما بعد يوم ازداد الصمت حتى صمت كل شيئ من حوله 

وذات صباح صامت كما اصبحت كل الايام صامتة سمع صوت صغيرة تصيح في الشارع .. اين الماء ؟!  اريد ان اشرب .. اين المااااء ؟!  

فهب من مكانه واقفا يصرخ بجنون اين الماء .. اين الماء 

واصطدمت يده بشيئ ما ليسقط على وجهه الكثير من الماء ليهب مفزوعا فيتلفت حوله ليجد انه مازال في فراشه يحلم هذا الحلم العجيب وان يده اوقعت كوب الماء بجواره ليفيق من هذا الحلم المفزع الدي خشي ان يتحقق يوما ما 

                       النهر الحزين 

         بقلم : منى بيبرس

تعليقات

5 تعليقات
إرسال تعليق
  1. روعه يامني سلمت يداكي

    ردحذف
  2. جميلة يا منى تسلم ايديك يا قمر ❤

    ردحذف
  3. حلوة اوي 😍🥰

    ردحذف
  4. عجبتني فيها فكرة جديدة بالتوفيق

    ردحذف
  5. حلو اوي😍👏🏻

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع